زيادة الرواتب في سوريا تصل لنسبة 400%
أعلن وزير المالية السوري في حكومة تصريف الأعمال، محمد أبازيد، أن الحكومة ستقوم برفع رواتب عدد كبير من موظفي القطاع العام بنسبة 400% خلال الشهر المقبل. ويأتي هذا الإجراء ضمن جهود الحكومة لتحسين الأوضاع المعيشية وتعزيز الكفاءة الإدارية.
خلفية القرار
تأتي هذه الزيادة بعد استكمال عملية إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات بهدف تعزيز الكفاءة والمساءلة. وتُقدَّر تكلفة الزيادة بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية، ما يعادل حوالي 127 مليون دولار أمريكي. وسيتم تمويل هذه الخطوة من موارد الدولة الحالية إلى جانب مزيج من المساعدات الإقليمية والاستثمارات الجديدة، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتحرير الأصول السورية المجمدة في الخارج.
وأكد أبازيد، في تصريح لوكالة “رويترز”، أن هذه الزيادة تمثل خطوة أولى نحو إيجاد حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. كما أعلن أن رواتب الشهر الحالي لموظفي القطاع العام سيتم صرفها هذا الأسبوع.
رؤية الحكومة
وفي سياق متصل، صرَّح قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أن هذه الزيادة تأتي كجزء من خطة الحكومة لتحسين الظروف المعيشية. واعتبر أن هذه الخطوة تمثل بداية مسار طويل من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.
آراء الخبراء
أشاد الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي بالقرار، معتبرًا أنه خطوة “محمودة” وضرورية للتخفيف من الأعباء الاقتصادية على المواطنين. وقال قضيماتي إن زيادة الرواتب التي سترفع متوسط الأجور من حوالي 15 دولارًا إلى نحو 70 دولارًا تُعتبر “إجراء إسعافيًا” لتلبية جزء من الاحتياجات الأساسية، لكنه أكد أنها ليست كافية لمعالجة الأزمة بشكل كامل. كما أشار إلى أهمية مكافحة الفساد وإعادة النظر في إدارة موارد الدولة لضمان فعالية أي إصلاحات اقتصادية.
من جانبه، أشار المحلل الاقتصادي فراس شعبو إلى أن هذه الزيادة تحمل جوانب إيجابية وسلبية. واعتبر أن سلبياتها قد تتفوق على إيجابياتها، لكنها تظل خطوة “سليمة” قد تساعد في تجنب كارثة اقتصادية أكبر. وأوضح أن القرار يستهدف تخفيف حالة الاستياء الشعبي الناتجة عن ارتفاع الأسعار، خاصة في قطاعي المحروقات والمواصلات، حيث أصبح دخل الأسرة السورية غير كافٍ لتغطية الاحتياجات الأساسية.
تحديات اقتصادية
تواجه سوريا تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة سنوات من الفساد والمحسوبيات التي طغت على القطاعات الحكومية، ما ساهم في تدهور الأوضاع المعيشية. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد البشير، قد صرَّح مؤخرًا بأن خزائن البنك المركزي تفتقر إلى العملات الأجنبية، واصفًا الوضع المالي بأنه “سيئ للغاية”.
وأضاف البشير، في حديث لصحيفة “إل كورييري ديلا سيرا” بتاريخ 11 كانون الأول 2024، أن “الليرة السورية أصبحت عديمة القيمة تقريبًا”، مشددًا على الحاجة الماسة لإصلاحات جذرية لاستعادة استقرار الاقتصاد الوطني.
تأثيرات اجتماعية
على المستوى الاجتماعي، تسعى الحكومة من خلال هذا القرار إلى تخفيف حدة الاستياء الشعبي المتزايد نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة. ويمثل تحسين الرواتب خطوة أولى في معالجة مشكلة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور الخدمات الأساسية.
يشكل رفع الرواتب بنسبة 400% خطوة مهمة في إطار الجهود الرامية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سوريا. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطوة مرهونًا بقدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات شاملة ومكافحة الفساد واستثمار الموارد بشكل فعَّال لضمان تحقيق تأثير إيجابي مستدام على حياة المواطنين.