سوريا في مفترق طرق: بصيص أمل في خضم المرحلة الانتقالية الهشة

الصفحة الرئيسية / المقالات / سوريا في مفترق طرق: بصيص أمل في خضم المرحلة الانتقالية الهشة

بانواما اخبار سوريا / ترجمة

في تحليل حديث نُشر عبر المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن، أشار الباحث تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط، إلى أن سوريا – رغم هشاشة وضعها الحالي – قد تقف على أعتاب تحول استراتيجي يفتح الباب أمام شرق أوسط أكثر استقرارًا.

سوريا: من جرح مفتوح إلى أمل استراتيجي

على مدار نصف قرن، كانت سوريا بؤرة لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث غذّت النزاعات الإقليمية وأخضعت شعبها لسياسات قمعية. ومنذ اندلاع الأزمة السورية قبل 14 عامًا، أثّرت تداعيات الصراع السوري على دول الجوار والعالم أجمع، لتتجسد المقولة الشهيرة: “ما يحدث في سوريا لا يبقى في سوريا“.

إلا أن رحيل نظام الأسد – كما يشير ليستر – خلق فجأة فرصة استراتيجية نادرة للمجتمع الدولي لإعادة تشكيل خريطة الإقليم على أسس أكثر توازنًا واستقرارًا.

تحديات المرحلة الانتقالية... ومفارقاتها

تمر سوريا اليوم بمرحلة انتقالية هشة للغاية، تواجه فيها تحديات داخلية وخارجية جسيمة. ويُعد التعامل الدولي مع الجهات الجديدة في دمشق أحد أبرز المعضلات، خصوصًا في ظل الدور القيادي لـ هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع.

رغم التاريخ المثير للجدل للهيئة، فإن التحولات الجوهرية التي شهدتها خلال العقد الأخير جعلتها تتخلى عن الجهاد العابر للحدود، وتتجه نحو خطاب “ثوري” محلي أكثر مرونة، رافعة علم الانتفاضة السورية.

المجتمع الدولي بين المقاطعة والانخراط

رغم التحفظات، انخرط العديد من الأطراف الدولية في قنوات تواصل مع هيئة تحرير الشام، استنادًا إلى قناعة متزايدة بأن الانخراط البنّاء أكثر تأثيرًا وفاعلية من العزل. ويُنظر إلى هذا الانخراط كفرصة لتوجيه مسار المرحلة الانتقالية نحو نتائج أكثر استقرارًا، ولو على المدى المتوسط.

سقوط الأسد: فرصة تاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط

يرى ليستر أن سقوط النظام السابق يفتح الباب أمام المجتمع الدولي لتجاوز الحلول التكتيكية قصيرة الأمد، وتبني رؤية استراتيجية طويلة المدى تركز على بناء دولة سورية مركزية، مستقرة، وذات تمثيل متكامل.

خيارات الغرب: انخراط بشروط أو انسحاب محفوف بالمخاطر

الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أمام مفترق طرق حرج: إما دعم المرحلة الانتقالية السورية بشروط واضحة – مع تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي – أو الانسحاب، ما يعني ترك الساحة لسيناريوهات أكثر فوضوية. الخيار الثاني يحمل مخاطر مضاعفة لاستمرار الفوضى، في حين يمثل الخيار الأول محاولة واقعية للحد من الانهيار المستمر.

العودة إلى دمشق: متى وأين؟

يشير التقرير إلى أن إعلان الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب عن رغبته في رفع العقوبات عن سوريا قد يكون بمثابة عودة السياسة الأميركية إلى اعتبار سوريا أولوية استراتيجية. وقد يُمثّل عودة الدبلوماسيين الأميركيين إلى دمشق مؤشرًا على انطلاقة جديدة نحو التعافي السياسي والاقتصادي.

سوريا... المفتاح الإقليمي للأمن والاستقرار

في ظل توجه الولايات المتحدة نحو تقليص وجودها العسكري والاستراتيجي في الشرق الأوسط، وانشغال الناتو بالأزمات الأوروبية، تصبح فرصة تحقيق الاستقرار في سوريا أكثر إلحاحًا. فالبلاد لا تزال واحدة من أكثر مناطق الصراع تعقيدًا في التاريخ الحديث.

نحو دولة سورية متماسكة

رغم حجم المخاطر والضبابية، يشدد التحليل على أن الخيار الوحيد المقبول يجب أن يكون بناء دولة سورية موحدة، فعالة، ومتصالحة مع محيطها الجغرافي والاجتماعي، قادرة على حل أزماتها بوسائل جماعية وسلمية.