مقابر الأسد السرّية: تحقيق رويترز يكشف أين اختفى آلاف السوريين المفقودين

الصفحة الرئيسية / المقالات / تحقيق رويترز يكشف: نظام الأسد نقل سرًّا آلاف الجثث لإخفاء جرائم الحرب في سوريا

تحقيق رويترز: نظام الأسد نقل سرًّا آلاف الجثث لإخفاء جرائم الحرب في سوريا

كشفت وكالة رويترز في تحقيق استقصائي حصري، نُشر في 14 أكتوبر 2025، أن حكومة بشار الأسد نفّذت بين عامي 2019 و2021 عملية سرّية ضخمة لنقل عشرات الآلاف من الجثث من مقبرة جماعية في القطيفة إلى موقع سري في صحراء الضمير شرق العاصمة السورية دمشق.

ووفقًا للتحقيق، هدفت العملية — التي أطلق عليها المشاركون اسم «عملية نقل التربة» (Operation Move Earth) — إلى إخفاء الأدلة على جرائم القتل الجماعي التي ارتُكبت في سجون النظام ومستشفياته العسكرية خلال سنوات الحرب الأهلية.

 

ترجمة خاصة عن وكالة «رويترز» — إعداد فريق بانوراما أخبار سوريا.

 

تفاصيل العملية السرّية

استمرّت العملية لعامين كاملين، حيث كانت شاحنات عسكرية تنقل الجثث ليلًا من مقبرة القطيفة إلى موقع صحراوي يبعد عشرات الكيلومترات، تحت إشراف ضباط من الاستخبارات العسكرية والفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد.

تحليل صور الأقمار الصناعية، الذي أجرته رويترز بين عامي 2019 و2021، أظهر أعمال حفر واسعة في الموقع الجديد، شملت 34 خندقًا تمتد على طول قرابة كيلومترين، ما يجعله واحدًا من أكبر مواقع الدفن الجماعي في سوريا.

شهادات المشاركين في العملية

أجرت رويترز مقابلات مع 13 شخصًا على دراية مباشرة بعملية النقل، بينهم سائقو شاحنات، وميكانيكيون، وضابط سابق في الحرس الجمهوري.
وقال أحد السائقين:

«كان الصمت واجبًا… من يتحدث يُدفن في الحفرة نفسها.»

وأشار الشهود إلى أن العملية كانت تهدف إلى تفريغ مقبرة القطيفة بالكامل وإزالة أي دليل يمكن أن يُستخدم لاحقًا لإدانة النظام السوري بجرائم حرب.

من القطيفة إلى الضمير: إخفاء الذاكرة الجماعية

بدأ النظام بدفن الجثث في مقبرة القطيفة منذ عام 2012، تزامنًا مع اشتداد الصراع في البلاد. وضمّت المقبرة ضحايا التعذيب في السجون والمعتقلين السياسيين والجنود القتلى.
لكن بعد كشف موقعها عام 2014 من قبل ناشطين حقوقيين، بدأت التحضيرات لطمس معالمها تمامًا. وبحلول عام 2021، أكدت صور الأقمار الصناعية أن جميع الخنادق الـ16 في القطيفة قد أُفرغت بالكامل.

ردود الأفعال والآثار الإنسانية

قال محمد العبد الله، مدير مركز العدالة والمساءلة السوري:

«نقل الجثث بشكل عشوائي جعل من المستحيل تقريبًا إعادة رفات الضحايا إلى عائلاتهم.»

بينما صرّح رائد الصالح، وزير الطوارئ وإدارة الكوارث في الحكومة السورية الجديدة، أن العمل جارٍ لإنشاء بنك وطني للحمض النووي ومنصة رقمية لتتبّع المفقودين، لكنه أقرّ بأن قلة الموارد والخبراء تعيق التقدّم.

وأضاف الصالح:

«ما دامت الأمهات ينتظرن العثور على قبور أبنائهن، يبقى الجرح السوري مفتوحًا.»