طباعة العملة في الخارج تتطلب وضع اتفاقية واضحة تضمن الشفافية والاستقلالية الاقتصادية. ومن بين الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفر:
عدم استخدام الطباعة كأداة ضغط سياسي على الحكومات السورية المستقبلية.
ضمان الجودة والأمان، بحيث تكون العملة مقاومة للتزوير والتلف.
التكاليف المعقولة، حيث يجب أن تكون تكلفة الطباعة مناسبة للوضع الاقتصادي السوري.
لكن حتى الآن، لا توجد أي اتفاقيات رسمية لطباعة العملة في الخارج، وفقًا لقضيماتي، مشيرًا إلى أن هذه العملية تتطلب فترة طويلة من الدراسة الاقتصادية وتقييم العروض المقدمة.
فئات العملة.. جدل بين مؤيد ومعارض
أثار موضوع إصدار فئات نقدية جديدة جدلًا بين الخبراء الاقتصاديين. الدكتور عابد فضلية يرى أن سوريا بحاجة إلى طباعة فئات نقدية أكبر من 5000 ليرة، لأن قيمة هذه الفئة أصبحت منخفضة لدرجة أن المواطن يحتاج إلى كميات كبيرة من الأوراق النقدية لإتمام أي معاملة مالية، مما يؤدي إلى تلفها بسرعة.
على الجانب الآخر، يعارض أدهم قضيماتي هذه الفكرة، مشيرًا إلى أن إصدار فئات نقدية أكبر قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم، لذلك يجب أن يتم بحذر ووفقًا لدراسات دقيقة.
الطباعة المحلية.. خيار استراتيجي للمستقبل
يعتبر طباعة العملة محليًا أحد أهم العوامل التي تعزز الاستقلال الاقتصادي، حيث تسهم في:
تعزيز السيادة المالية، إذ لا تحتاج الدولة إلى الاعتماد على طرف خارجي.
تقليل التكاليف على المدى الطويل، حيث تصبح العملية أقل تكلفة مقارنة بالطباعة في الخارج.
تحسين الثقة في العملة من خلال التحكم في كمية النقد المتداول.
لكن، في ظل غياب التكنولوجيا والموارد، يظل هذا الخيار بعيد المدى، ويتطلب استثمارات كبيرة في تطوير قطاع الطباعة داخل سوريا.
تاريخ طباعة العملة السورية.. من أوروبا إلى روسيا
حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي، لم تكن هناك عملة سورية مستقلة عن العملة اللبنانية، وكانت تُطبع في فرنسا. وبعد انفصال العملتين، بدأت سوريا بطباعة عملتها في أوروبا، وخاصة في النمسا وسويسرا.
لكن بعد عام 1970، انتقلت طباعة العملة إلى الاتحاد السوفييتي، ومن ثم روسيا، حيث استمرت حتى اليوم. ومع التغييرات السياسية والاقتصادية، يبدو أن المستقبل قد يشهد عودة الطباعة إلى أوروبا، لكن بشروط وضوابط تفرضها المرحلة الراهنة.
خلاصة
يمثل ملف طباعة العملة السورية في أوروبا تحولًا كبيرًا في السياسة المالية للبلاد، وسط تحديات اقتصادية وسياسية معقدة. وبينما يمكن أن تساهم هذه الخطوة في تحسين جودة العملة وتعزيز الثقة بها، فإنها تطرح تساؤلات حول السيادة المالية ومستقبل الاقتصاد السوري. وفي ظل غياب إعلان رسمي من مصرف سوريا المركزي، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الخطوة بداية لاستقرار اقتصادي، أم مجرد حل مؤقت لأزمة السيولة؟