لماذا يرفض السوريون دعوة حزب التحرير للخلافة؟

الصفحة الرئيسية / المقالات / لماذا يرفض السوريون دعوة حزب التحرير للخلافة؟

حزب التحرير في سوريا: بين الدعوة للخلافة الإسلامية ورفض المجتمع المحلي

منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، برزت العديد من الحركات والتنظيمات السياسية والدينية التي سعت إلى استغلال الفراغ السياسي والأمني لتحقيق أهدافها. من بين هذه التنظيمات، كان حزب التحرير الإسلامي الذي يُعرف بدعوته إلى إقامة الخلافة الإسلامية. ومع تحرير مدينة الرقة من قبضة النظام السوري في مارس 2013، وجد الحزب فرصة لتوسيع نشاطاته وتعزيز دعوته بين السكان المحليين، لكن مساعيه قوبلت برفض واسع من المجتمع السوري.

نشاط حزب التحرير في الرقة عام 2013

بعد تحرير مدينة الرقة من قبل فصائل المعارضة المسلحة، شهدت المدينة حالة من الفوضى والفراغ الإداري. استغل حزب التحرير هذه الأوضاع لتكثيف نشاطاته الدعوية في المدينة، حيث نظم العديد من التجمعات والمظاهرات التي ركزت على الدعوة إلى إقامة الخلافة الإسلامية باعتبارها الحل الوحيد لمشكلات الأمة.
قام الحزب بتوزيع منشورات وتقديم خطب في المساجد والساحات العامة، حملت شعارات تدعو إلى نبذ الديمقراطية والدولة المدنية باعتبارهما “أنظمة كفر”، ودعت بدلاً من ذلك إلى إعادة تأسيس نظام الخلافة الإسلامية. كما أنشأ الحزب مكاتب له داخل المدينة وأطلق حملات استهدفت الشباب والطلاب لمحاولة جذبهم إلى أفكاره.

رفض المجتمع المحلي

رغم جهود حزب التحرير في نشر أفكاره، إلا أن ردود أفعال سكان الرقة كانت متباينة بين الرفض الواضح والتحفظ. عانت المدينة في ذلك الوقت من غياب الخدمات الأساسية وانعدام الأمن، وهو ما جعل سكانها يبحثون عن حلول عملية لتحسين أوضاعهم اليومية بدلاً من الانشغال بقضايا أيديولوجية بعيدة عن احتياجاتهم المباشرة.

أعرب العديد من سكان الرقة عن رفضهم لأفكار حزب التحرير، معتبرين أن دعوته لإقامة الخلافة الإسلامية تتجاهل تعقيدات الواقع السوري والحاجة إلى بناء دولة تقوم على العدالة وتوفير الخدمات الأساسية. كما أثار خطاب الحزب جدلاً واسعاً بسبب نبرته الإقصائية تجاه الفصائل الأخرى ورؤيته الأحادية للمستقبل السياسي لسوريا.

نشاط حزب التحرير في إدلب تحت حكم حكومة الإنقاذ السورية

مع انتقال مراكز القوى إلى محافظة إدلب بعد سيطرة المعارضة عليها، وجد حزب التحرير فرصة أخرى لتعزيز حضوره. في ظل حكم حكومة الإنقاذ السورية، التي أُنشئت بدعم من هيئة تحرير الشام، ركز الحزب على تكثيف أنشطته الدعوية وتنظيم الفعاليات الفكرية والتربوية.

عمل حزب التحرير في إدلب من خلال تنظيم محاضرات ودروس داخل المساجد والمدارس التي كان بعضها تحت سيطرة حكومة الإنقاذ، مستهدفاً شرائح الشباب بشكل خاص. كانت رسائل الحزب تركز على أن الخلافة الإسلامية هي الحل لجميع الأزمات التي تواجهها سوريا، مع التأكيد على رفض الأنظمة الديمقراطية والدعوات الغربية للدولة المدنية.

رغم ذلك، واجه حزب التحرير تضييقات من قبل حكومة الإنقاذ وهيئة تحرير الشام، خاصة عندما تعارضت أجنداته مع رؤى هذه الكيانات. كما أن محاولاته للهيمنة الفكرية قوبلت بانتقادات من المجتمع المحلي، الذي رأى في خطاب الحزب انحيازاً فكرياً لا يراعي التنوع الثقافي والديني في إدلب.

حزب التحرير ينادي بإعادة الخلافة من إدلب‎
أنشطة الحزب في المناطق ذات الأغلبية المسيحية أو الطوائف الدينية الأخرى

لم تقتصر أنشطة حزب التحرير على المناطق ذات الغالبية السنية، بل حاول أيضاً التوسع في بعض المناطق السورية التي تضم أقليات مسيحية أو طوائف دينية أخرى. ركز الحزب في هذه المناطق على نشر رسائله الدعوية من خلال توزيع منشورات وإقامة تجمعات سرية نظراً لحساسية الأوضاع هناك.

في المناطق ذات الأغلبية المسيحية، مثل مدينة محردة أو قرى في ريف حماة، واجه الحزب تحديات كبيرة. كان سكان هذه المناطق ينظرون إلى نشاطاته كمحاولة لتغيير طابع مجتمعاتهم الديني والثقافي، مما أدى إلى توترات محلية ورفض واسع. حاول الحزب التقليل من حدة التوتر من خلال التركيز على الخطاب العام بدلاً من الدخول في مواجهات مباشرة، لكنه لم يتمكن من تحقيق تأثير يُذكر.

كما سعى الحزب إلى استهداف مناطق الطوائف الأخرى مثل العلوية والدرزية عبر خطاب إعلامي يزعم أنه يسعى إلى توحيد الأمة الإسلامية تحت راية واحدة. ومع ذلك، قوبلت هذه المحاولات بالرفض القاطع من قبل سكان هذه المناطق الذين اعتبروا دعوة الحزب تهديداً لوحدتهم وهويتهم الثقافية.

أنشطة الحزب في المناطق ذات الأغلبية المسيحية أو الطوائف الدينية الأخرى

لم تقتصر أنشطة حزب التحرير على المناطق ذات الغالبية السنية، بل حاول أيضاً التوسع في بعض المناطق السورية التي تضم أقليات مسيحية أو طوائف دينية أخرى. ركز الحزب في هذه المناطق على نشر رسائله الدعوية من خلال توزيع منشورات وإقامة تجمعات سرية نظراً لحساسية الأوضاع هناك.

في المناطق ذات الأغلبية المسيحية، مثل مدينة محردة أو قرى في ريف حماة، واجه الحزب تحديات كبيرة. كان سكان هذه المناطق ينظرون إلى نشاطاته كمحاولة لتغيير طابع مجتمعاتهم الديني والثقافي، مما أدى إلى توترات محلية ورفض واسع. حاول الحزب التقليل من حدة التوتر من خلال التركيز على الخطاب العام بدلاً من الدخول في مواجهات مباشرة، لكنه لم يتمكن من تحقيق تأثير يُذكر.

كما سعى الحزب إلى استهداف مناطق الطوائف الأخرى مثل العلوية والدرزية عبر خطاب إعلامي يزعم أنه يسعى إلى توحيد الأمة الإسلامية تحت راية واحدة. ومع ذلك، قوبلت هذه المحاولات بالرفض القاطع من قبل سكان هذه المناطق الذين اعتبروا دعوة الحزب تهديداً لوحدتهم وهويتهم الثقافية.

رفض المجتمع السوري لأنشطة الحزب

يُعتبر الرفض الواسع الذي واجهه حزب التحرير في سوريا جزءاً من السياق الأوسع للمشهد السوري المعقد. عانى الشعب السوري خلال السنوات الماضية من ويلات الحرب والنزوح والتشرذم، مما جعله يركز أكثر على قضايا الأمن والاستقرار بدلاً من الانخراط في مشاريع سياسية وأيديولوجية بعيدة عن متطلبات الواقع.

ساهمت طبيعة خطاب حزب التحرير الإقصائية وتركيزه على قضايا نظرية في تعزيز هذا الرفض. فبدلاً من تقديم حلول عملية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه السكان، ركز الحزب على الدعوة لإقامة الخلافة، وهو ما اعتبره الكثيرون أمراً غير واقعي وغير متناسب مع احتياجات المرحلة.

تحديات مستقبلية أمام حزب التحرير

مع استمرار الأزمة السورية وتعقيداتها، يواجه حزب التحرير تحديات متزايدة في محاولة ترسيخ وجوده على الأرض. تتضمن هذه التحديات الرفض الشعبي الواسع، والتضييق من قبل الفصائل الأخرى، وصعوبة التكيف مع الواقع السياسي والمجتمعي المتغير. بالإضافة إلى ذلك، فإن محاولات الحزب للعمل في المناطق ذات الأقليات الدينية زادت من حالة العداء تجاهه، حيث يُنظر إليه كعامل يهدد التنوع الثقافي والديني في البلاد.

الخاتمة

شكلت تجربة حزب التحرير في سوريا، سواء في الرقة أو إدلب أو المناطق ذات الأغلبية المسيحية، مثالاً على صعوبة تطبيق المشاريع الأيديولوجية دون توافق مجتمعي واسع. ورغم أن الحزب نجح في إيصال رسائله إلى شرائح محدودة، إلا أن رفض المجتمع السوري تبقى الأولوية لدى السوريين هي إيجاد حلول تنهي معاناتهم وتعيد بناء دولتهم على أسس العدالة والكرامة والاحترام المتبادل.

شارك