حرمان طلاب نبع السلام من الجامعات… هل يُكتب لمستقبلهم النجاة؟
أزمة التعليم الجامعي في نبع السلام: آلاف الطلاب محرومون من مستقبلهم
تعاني منطقة نبع السلام (تل أبيض – رأس العين – سلوك) من أزمة تعليمية حقيقية تهدد مستقبل أكثر من 2500 طالب وطالبة. فمنذ عام 2011، يعيش الطلاب في حصار فرضته الظروف الأمنية الصعبة، مما جعل متابعة التعليم الجامعي شبه مستحيلة. وعلى الرغم من حصول الكثير منهم على شهادة البكالوريا، إلا أن الحصار وصعوبة الانتقال إلى المدن السورية الأخرى حال دون استكمال تعليمهم، وهو ما ولّد حالة من الإحباط واليأس لدى شريحة واسعة من الشباب.
نقص التخصصات يقيّد الطلاب
بعد تحرير المنطقة في أواخر عام 2019، افتتحت جامعة حلب “المحررة” بعض الفروع الجامعية في نبع السلام، ووفرت تخصصات محدودة تشمل: إدارة الأعمال، المعهد التقني الهندسي، الزراعة، الطب البيطري، التمريض، والحاسوب. ورغم أن هذه الخطوة مثلت بارقة أمل للطلاب، إلا أن غياب التخصصات الأدبية والعلمية مثل الحقوق، العلوم السياسية، والإعلام، جعل خياراتهم الأكاديمية محدودة للغاية. هذا النقص دفع الكثير من الطلاب إلى التوقف عن متابعة تعليمهم بما يتناسب مع رغباتهم وطموحاتهم.
استبعاد تل أبيض من قوائم المفاضلات
المفاجأة الكبرى جاءت هذا العام مع إعلان قوائم المفاضلات الجامعية، حيث لم يتم إدراج فرع تل أبيض ضمن القوائم الرسمية، مما حرم الطلاب من التسجيل ومتابعة تعليمهم. أحد الطلاب يصف الوضع بقوله: “نحن في نبع السلام ما زلنا محاصرين، حتى لو حصلنا على أعلى الدرجات في البكالوريا لا نستطيع متابعة تعليمنا الجامعي.”
الأهالي بدورهم أشاروا إلى مخاطر أمنية كبيرة، إذ تم اعتقال بعض الطلاب عند محاولتهم الانتقال إلى مناطق أخرى للتسجيل، مما يجعل إرسال الأبناء للدراسة خارج المنطقة أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
تحديات إضافية تفاقم الأزمة
لا تقتصر معاناة الطلاب على غياب التخصصات أو استبعاد منطقتهم من قوائم المفاضلات، بل تشمل أيضًا ظروفًا اقتصادية صعبة، صعوبة التنقل عبر مناطق خطرة، إضافة إلى خطر التجنيد الإجباري للشباب والفتيات من قبل قوات سوريا الديمقراطية. هذه التحديات دفعت الكثير من الطلاب إلى فقدان الأمل في مستقبلهم الأكاديمي.
مطالبات الأهالي والطلاب
يطالب الطلاب وأولياء أمورهم الجهات الرسمية ووزارة التربية والتعليم السورية بفتح فروع جامعية إضافية في تل أبيض ورأس العين، وإدراج المنطقة ضمن قوائم المفاضلات الجامعية أسوة بباقي المحافظات. كما شددوا على ضرورة توسيع التخصصات لتشمل الحقوق، العلوم السياسية، والإعلام، وتأمين طرق آمنة للطلاب الراغبين في التنقل، وفتح مراكز تسجيل داخل المنطقة.
اتحاد الطلبة المحلي أشار إلى أن محاولاته لدعم الطلاب ما تزال فردية وتفتقر إلى الدعم الرسمي، مؤكدًا أن التعليم حق مشروع يجب أن يتمتع به جميع الطلاب دون تمييز.
خطر يهدد جيلًا كاملًا
في حال استمرار الوضع الحالي، فإن آلاف الطلاب في منطقة نبع السلام مهددون بخسارة مستقبلهم. سنوات الحرمان من التعليم قد تقود إلى البطالة، الفقر، وهجرة الشباب نحو المجهول. كما أن تراجع المستوى العلمي والمعرفي يزيد من هشاشة المجتمع المحلي ويضعف فرص التنمية في المنطقة.
أزمة التعليم الجامعي في نبع السلام ليست مجرد قضية محلية، بل هي خطر وطني يهدد جيلًا كاملًا بالضياع. التعليم حق أساسي، وحرمان آلاف الطلاب من هذا الحق يفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. الحل يكمن في تحرك عاجل من الجهات الرسمية لفتح فروع جامعية شاملة، وضمان إدراج المنطقة ضمن المفاضلات الجامعية، وتأمين بيئة تعليمية آمنة ومستقرة.
بهذا فقط يمكن إنقاذ مستقبل الطلاب ومنحهم الفرصة لبناء حياة كريمة، بعيدًا عن الحرمان واليأس.





