أطفال سوريا المفقودون: بين فظائع النظام وتشتت العائلات – قصة العباسي والجباوي
أطفال رانيا العباسي: اختفاء وسط الصمت
رانيا العباسي، طبيبة أسنان وأم لستة أطفال، لم تكن ناشطة سياسية. رغم ذلك، اعتقل النظام السوري زوجها عبد الرحمن ياسين في مارس 2013، وبعد يومين اختُطفت هي وأطفالها: ديما، انتصار، نجاح، علاء، أحمد، وليان – الذين تراوحت أعمارهم بين عامين و14 عامًا.
لاحقًا، تأكدت وفاة زوجها تحت التعذيب في سجن صيدنايا، حسب ملفات “قيصر”. أما مصير رانيا وأطفالها، فظل مجهولًا. شقيقها، حسان العباسي، قاد من منفاه في كندا جهودًا مضنية للعثور عليهم، وجمع معلومات متفرقة من محامين وناشطين.
تلقى حسان وثيقة من الحكومة السورية الجديدة تؤكد أن الأطفال الستة احتُجزوا في منظمة “قرى الأطفال SOS”. لكنه لم يتمكن من الوصول إليهم، رغم تشابه إحدى صور المنظمة مع أحد الأطفال.
سكينة الجباوي: أمٌ انتُزعت منها ابنتها
عام 2018، اعتُقلت سكينة الجباوي مع زوجها وابنتها هبة بتهمة الانتماء للإرهاب، فقط لأن صهرها كان عضوًا سابقًا في الجيش الحر. وضعت الجباوي الحامل في سجن مظلم ومكتظ، حيث انفصلت عن ابنتها بالقوة. بعد إطلاق سراحها، بدأت رحلة بحث مريرة، نفت خلالها دور الأيتام الثلاثة الكبرى – منها دار الرحمة – وجود هبة.
لاحقًا، وبمساعدة أخيها، تواصلت مع فرع الأمن، وبعد تدخلات عدة، تم لمّ شملها بابنتها التي كانت محتجزة في “دار الرحمة”. وجدت على جسدها ندوبًا أثارت شكوكها عن سوء المعاملة، رغم نفي مسؤولي الدار ذلك، مدعين أن القهوة الساخنة سببت الحروق.
دور الأيتام: واجهة إنسانية أم أداة قمع؟
تشير شهادات وتقارير متعددة إلى أن النظام السوري استخدم دور الأيتام لفصل الأطفال عن ذويهم، وتغيير أسمائهم، بل وعرضهم للتبني.
منظمة “قرى الأطفال SOS” أكدت أنها استقبلت 139 طفلًا دون وثائق بين 2013 و2018، وقد فُرض عليها استقبالهم من قبل النظام. وأشارت إلى أنها أجرت تحقيقًا أعاد لمّ شمل كل الأطفال، لكن ناشطين يشككون في الشفافية.
مديرة دار الرحمة، براء الأيوبي، نفت سوء المعاملة وقالت إن مؤسستها لا تعطي معلومات إلا بإذن أمني، رغم تأكيدها على زيارة أسماء الأسد للمركز، ما يعكس مدى سيطرة النظام.
ماهر رزق، مسؤول سابق في وزارة الشؤون الاجتماعية، أكد أن “أسماء الأسد عينت مديري الدور وكانت تتحكم بكل شيء من الخفاء”، مشيرًا إلى أن مؤسسات الأيتام لم تكن مستقلة أبدًا.
جهود التحقيق ما بعد الأسد
بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر، وعدت الحكومة السورية المؤقتة بالتحقيق في قضايا الأطفال المختفين. لكن عائلات مثل العباسي والجباوي لا تزال تواجه صمتًا رسميًا، وتحركات بطيئة.
حسان العباسي يصر على متابعة البحث، قائلًا:
“هذا يتطلب تحقيقًا فعليًا وشاملًا… المعلومات التي سنجدها قد تكشف مدى الجرائم التي ارتكبها النظام
مقالات قد تعجبك أيضاً
